الإخلاص هو الأساس الأعظم في الدين , و ركن العمل وصلاحه في الدين ,
و مسك القلوب وماء الحياة , و السر الذي بين العبد وربه …
و به تميز أهل الإيمان من أهل النفاق وسكان النيران من سكان الجنان …
فهو صفة من صفات عباد الله الصادقين و أهل الإيمان الراسخين …
و هو الباب الذي دخل منه الواصلون إلى ذي الجلال والإكرام ….
إنه بداية الطريق , لمن أراد الحياة الطيبة السعيدة المباركة والخاتمة الحسنة والخلود في الجنة …
هذا الموضوع الجليل الذي يستحق الاهتمام والتذكير وكم نفتقر إلى التذكير به وتعليمه !
فمن أراد الحياة الطيبة بلا إيمان وعمل الصالح فقد حاول المستحيل وطلب الممنوع .
إننا بحاجة إلى هذا الموضوع كحاجتنا إلى الماء والطعام وأزيد وكما قيل في التوبة .
إنها بداية كل سالك ونهاية كل ناسك ، فكذلك الإخلاص يحتاج إليه أهل المنازل العالية
في الإيمان ومن دونهم إلى أقل أهل الإيمان إيماناً .
نحتاج إلى الحديث عن الإخلاص لأننا ولله المشتكى قد أصابتنا جراحات الذنوب
فمنا أسير , ومنا كسير ومنا مقطوع ومنا مسحور ومنا مسموم .
الإخلاص
*****
هو إفراد الحق سبحانه في الطاعة بالقصد ، و أن يريد بطاعته التقرب إلى الله سبحانه دون شيء آخر
من تصنع لمخلوق ، أو اكتساب صفة حميدة عند الناس أو محبة مدح من الخلق ،
أو أي معنى من المعاني ، سوى التقرب به إلى الله تعالى .
أنا منزلة الإخلاص , منزلة كبرى في الإسلام فهي حقيقة الدين ومفتاح دعوة الرسل عليهم السلام.
وأن أخلص الناس لرب الناس هو رسول الله صلى الله عليه و سلم , ثم أولو العزم من الرسول ..
ثم سائر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
قال الله تعالى :
(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) البينة : 5
وما أمروا في سائر الشرائع إلا ليعبدوا الله وحده قاصدين الإخلاص بعبادتهم وجهه, مائلين عن الشرك إلى الإيمان, ويقيموا الصلاة، ويؤدوا الزكاة, وذلك هو دين الاستقامة , وهو الإسلام ..
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :
" إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " مسلم - الصفحة أو الرقم: 4651
وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يوصي بعض أصحابه فيقول : من خلصت نيته لله كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس
وقال ابن عباس : إنما يحفظ المرء على قدر نيته وكان السلف يحرصون على إخلاص النوايا في كل شيء يعملون به ,
وعن زبيد اليامي قال : إني لأحب أن تكون لي نية في كل شيء حتى في الطعام والشراب
فيا أخي الحبيب فليكن لسان حالي وحالك قول الله سبحانه و تعالى :
( قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )الانعام : 162
فصلاتي وعبادتي وإخلاصي أصرفها لله عز وجل لا لغيره فهذا منهجي وهذا سبيلي ..
قال ابن القيم : فإسلام الوجه , إخلاص القصد والعمل لله ،
والإحسان فيه متابعة رسول الله صلى الله عليه و سلم وسنته .
قال الله تعالى
( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْأَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ(2) ) الملك
وعن قوله (أحسن عملا) ؟ , قال: هو أخلصه وأصوبه .
أي إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً. والخالص إذا كان لله عز وجل، والصواب إذا كان على السنة .
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية ، ويقاتل رياء ،أي ذلك في سبيل الله ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6417
فبين في هذا الحديث أن الجهاد لا يكون مقبولاً إلا إذا كان الباعث عليه الإخلاص لله عز وجل .
قال ابن القيم: العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملا ينقله ولا ينفعه ,وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته في معالي الأمور يكون توفيقه سبحانه وإعانته ..
فالإخلاص شرط قبول في الأعمال عند الله , لهذا قال المعصوم صلى الله عليه و سلم :
"إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً ويبتغى به وجهه " : صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 3140
من مظاهر ضعف الإخلاص أو انعدامه والعياذ بالله ما يلي:
***********
1- الرياء والسمعة : يحب أن يرى الناس عمله أو يسمعوا به .
2- طلب رضى المخلوقين وتقديمه على الخالق